أيا نيل Poem by إيليا أبو ماضي

أيا نيل

وقفت ضحى في شاطيء النيل وقفة {#spc} يضنّ بها إلاّ على النيل شاعره
تهلّل حتى يبدو ضميره {#spc} و عبّس حتى كاد يشكل ظاهره
فثمّ جلال يملأ النفس هيبة {#spc} و ثمّ جلال يملأ العين باهره
فطورا أجيل الطرف في صفحاته{#spc} و طورا أجيل الطرف فيما يجاوره
و ألحظ شمس الأفق و هي مطله {#spc} تساير فيها ظلّها إذ تسايره
فأحسبها فيه تساهمني{#spc} و تحسبني فيها الغرام أشاطره
إذا هي ألقت في حواشيه نورها {#spc} رأى التبر يجري في حواشيه ناظره
أطالت به لاتحديق حتى كأنّما {#spc} تحاول منه أن تبين سرائره
فيا لهما إلفين باتا بعزل{#spc} يخامرها من حبّه ما يخامره
يروح النسيم الرّطب في جنباته{#spc} يداعبه طورا و طورا يحاوره
و تقبض من مبسوطه نفحاته {#spc} كما قبض الثوب المطرّز ناشره
فيصدف عنه و هو مقطب {#spc} كأنّ عدوّا بالنسيم يحاذرة
كأنّي به تدانت سطوره {#spc} أوائله قد شكّلت و أواخره
إذا ما جلا للناظرين رموزه {#spc} تجلّى لهم ماضي الزمان و حاضره
أيا نيل نبئني أحاديث من مضوا {#spc} لعلّ شفاء النفس ما أنت ذاكره
حيالك صبّ بالخطوب مهدّد {#spc} جوانحه رهن الهموم و خاطره
أطاع شجونا لو أطاع فؤاده {#spc} عليها لفاضت بالنجيع محاجره
يحثّ إليّ الدهر كلّ رزيئة {#spc} على عجل حتى كأنّي واتره
و ما أنا بالعبد الذي يرهب العصا {#spc} و لكنّني حرّ تروع بوادره
أيا نيل فامنحني على الحقّ قوّة {#spc} فما سوّد الضرغام إلاّ أظافره
و هبني بأسا يسكن الدهر عنده {#spc} فقد طالما جاشت عليّ مناخره
إذا لم تكن عون الشجيّ على الأسى {#spc} فخاذله فيه سواء و ناصره
قني البأس وامنع شعبك الضّعف يتّقي{#spc} و ينصفه من حسّاده من يناكره
هو الدهر من ضدّين ذلّ و عزّة {#spc} فمن ذلّ شاكيه و من عزّ شاكره
و للقادر الماضي العزيمة حلوة {#spc} و للعاجز الواهي الشكيمة حازره
و ما للناس إلا القادرون على العلى {#spc} و ليست صنوف الطير إلاّ كواسر
ألم تره منذ استلينت قناته تمشّت
فأرهق حتى ما يبين كلامه {#spc} و قيّد حتى ليس تسري خواطره
و لو ملكوا الأقدار استغفر الذي {#spc} له الملك يؤتيه الذي هو آثره
لما تركوا شمس النهار يزوره {#spc} سناها ، و لا زهر النجوم تسامره
يريدون أن يبقى و يذهب مجده {#spc} و كيف بقاء الشعب بادت مآثره ؟
فغورست في مصر يسدّد سهمه {#spc} إليه و قنّاص الوحوش يضافره
يلجّون في إعناته فإذا شكا {#spc} يصيحون أنّ الشعب قد ثار ثائره
لقد هزأوا لما تنّبه بعضه{#spc} فلم ذعروا لما تنبّه سائره ؟
يقولون جان لا يحلّ فكاكه {#spc} و لو أنصفوه حمل الإثم أسره
عجبت لقوم ينكرون شعوره {#spc} و هاتا مجاليه و تلك مظاهره
ألم يك في يوم القناة ثباته {#spc} دليلا على أن ليس توهى مرائره ؟
يعزّ على المصريّ أن يحمل الأذى {#spc} و حاضره يأبى الهوان و غابره
لئن تك للتاريخ و الله زينة{#spc} فما زينة التاريخ إلاّ مفاخره
رعى الله من أبنائه من يذود عن {#spc} حماه ، و من أضيافه من يظاهره
هم بعثوا فيّ الحياة جديده {#spc} فشدت أواخيه و عزّت أواصره
و هم أسمعوا الأيّام صوتا كأنّما {#spc} هو الرعد تدوي في السماء زماجره
و هم أطلقوا أقلامهم حين أصبحت {#spc} مكبلة أقلامه و محابره
كذلك إن يعدم أخو الظلم ناصرا {#spc} فلن يعدم المظلوم حرا يناصره

COMMENTS OF THE POEM
READ THIS POEM IN OTHER LANGUAGES
Close
Error Success